الجمعة، 15 يوليو 2016

تفسير الاحلام » ما هي حقيقة الرؤى و الاحلام التي يراها الإنسان في منامه ؟

Posted by تالي ويب  |  at  يوليو 15, 2016

ما أن يأوي الإنسان إلى فراشه و يغمض عينيه و يسيطر عليه النوم حتى يجد نفسه في عالم آخر يختلف تماماً عن عالم اليقظة من حيث المقاييس و الحدود و الأوصاف .
نعم يجول النائم غالباً في عالم الأحلام و الرؤى فيشاهد الماضي و الحاضر و المستقبل فإذا به تارة يرجع إلى صباه و أخرى يرى نفسه شيخاً طاعناً في السن ، و قد يدخل في حرب مدمِّرة مع عدو واقعي أو افتراضي ، أو يرى نفسه و هو يعالج سكرات الموت ، أو يرى أن لديه ثروة عظيمة و مكانة مرموقة ينعم بكل خير و يعيش بين الورود و الرياحين ، أو يرى بعض الصالحين من الأحياء أو الأموات ، إلى غير ذلك من المشاهدات العجيبة التي يرتاح الإنسان لرؤية بعضها و يتمنى لو أنها طالت و استمرت من دون انقطاع ، كما و ينزعج من مشاهدة الكثير من الأحلام المهولة و المفزعة .
و ما أن ينقطع شريط الأحلام حتى يسأل الإنسان نفسه عن حقيقة هذه المشاهدات و مدى انطباقها على الواقع ، فيحب أن يعرف هل أن لهذه المشاهدات من تأثيرات سلبية أو إيجابية على معيشته و حياته أم لا .
لا بُدَّ من الاعتراف بأن حقيقة الرؤى و الأحلام لا تزال خافية حتى على العلماء ذوي الاختصاص ، لذا فانك ترى أن نظراتهم العلمية مختلفة في تفسير مشاهدات الإنسان في المنام .
فمنهم من حاول حصر الأحلام في البعد النفسي فقط ، و لم ينظر إليها إلى من هذه الزاوية ، يقول فرويد : " إن الأحلام تلجأ إلى الرموز لتخفي الأغراض التي يحظرها المجتمع ".
و كان المتنبؤن بالأمس يقولون : " أخبرنا بأحلامك نخبرك بمستقبلك " ، و اليوم يقول أطباء النفس : " أخبرنا بأحلامك نشخِّص مشكلاتك " 
و مع ذلك فان أصل مشاهدة الأحلام و الرؤيا ثابتة و لا نقاش فيها ، إلا أن ما يهمنا هنا هو النظرة الإسلامية بالنسبة إلى الرؤى و الأحلام ، و ما يهمنا أيضا هو معرفة مدى صحة الاعتماد على أمثال هذه المشاهدات من المنظار الإسلامي .
للحصول على الإجابة الصحيحة يتحتم علينا مراجعة القرآن الكريم و الأحاديث المروية عن النبي المصطفى ( صلَّى الله عليه و آله ) و الأئمة المعصومين ( عليهم السَّلام ) حتى نتوصل إلى الرأي الإسلامي الصائب في هذا المجال .
التفسير الاسلامي للرؤى و الاحلام

سأل محمدُ بن القاسم النوفلي الإمامَ جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أسئلة حول حقيقة المشاهد و الأشياء التي يشاهدها النائم ، فأجابه الإمام ( عليه السَّلام ) عنها باختصار ، و اليك نص الرواية :
قال : قلت لأبي عبد الله الصادق ( عليه السَّلام ) : المؤمن يرى الرؤيا فتكون كما رآها ، و ربما رأى الرؤيا فلا تكون شيئا ؟
فقال : " إن المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة صاعدة إلى السماء ، فكل ما رآه روح المؤمن في ملكوت السماء في موضع التقدير و التدبير فهو الحق ، و كل ما رآه في الأرض فهو أضغاث أحلام " .
فقلت له : أو تصعد روح إلى السماء ؟
قال : " نعم " .
قلت : حتى لا يبقى منها شئ في بدنه ؟
فقال : " لا ، لو خرجت كلها حتى لا يبقى منها شئ إذن لمات " .
قلت : فكيف تخرج ؟
فقال : " أما ترى الشمس في السماء في موضعها و ضوئها و شعاعها في الأرض ، فكذلك الروح أصلها في البدن و حركتها ممدودة إلى السماء
المعنى اللغوي اولا

لكي تكون دراستنا لمسألة الرؤى و الأحلام دراسة دقيقة لابد و إن نعرف المعنى اللغوي للرؤيا و الحلم و مترادفاتهما من حيث اللغة العربية ، و لكي نتعرف على المعنى اللغوي لابد من مراجعة كتب اللغة أولاً .
قال في القاموس : الحُلم و الحُلُم : بالضم ، و بضمتين ، الرؤيا ، ... و الاحتلام الجماع في النوم و الاسم الحُلُم كعنق .
و قال الدكتور أحمد فتح الله : الرؤيا : ما يرى في النوم 
و قال الأستاذ محمد قلعجي : الرؤيا : على و زن فُعلى ، و قد تُخفف فيه الهمزة فيقال الرؤيا ، ج رؤى ، ما يراه النائم في المنام ، ﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ... ﴾ ، Dream .
و قال البيضاوي : الرؤيا كالرؤية غير أنها مختصة بما يكون في المنام .
و قال الدكتور سعدي أبو حبيب : الرؤيا : ما يراه النائم في نومه . و يرادف الرؤيا حلم ( جمع ) أحلام . و قد غلب اسم الرؤيا على ما يراه النائم من خير ، و الحلم على ما يراه من شر . و في الحديث الشريف : " الرؤيا من الله ، و الحلم من الشيطان " .
اقسام الرؤيا

تنقسم مشاهدات الإنسان في المنام إلى مشاهدات حسنة يستبشر بها الإنسان المؤمن فيرى فيها ما يسره و يرتاح إليه ، و أخرى قبيحة و مهولة يفزع منها الإنسان و يستيقظ على إثرها مرعوباً ، و أخرى تكون على شكل لقطات غير مترابطة و مبعثرة و التي يعبَّر عنها بأضغاث الأحلام ، أي ضغثاً من كل حلم و هي ترسبات متبقية من مجموعة ما شاهده في منامه من الأحلام التي يشاهدها الإنسان فينسى منها الكثير و لا يتذكر منها إلا بعض اللقطات ، لقطة من هنا و أخرى من هناك فتشكل بمجموعها حلماً و احداً غير مترابط الأجزاء ، أو تكون من ترسبات الأفكار و التخيلات و الأماني التي تطرأ على الفكر خلال اليقظة .
فقد روي عن رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) أنه قال : الرؤيا ثلاثة : بشرى من الله ، و تحزين من الشيطان ، و الذي يحدث به الإنسان نفسه فيراه في منامه .
و قال ( صلَّى الله عليه و آله ) : الرؤيا من الله و الحلم من الشيطان .
و قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه : بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم أنه قال : " الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة و أربعين جزءً من النبوة " .
و كان يقول صلى الله عليه و على آله و سلم : " لم يبق بعدي إلا المبشرات " .
قالوا : و ما المبشرات يا رسول الله ؟
قال : " الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له ، جزء من ستة و أربعين جزءً من النبوة " .
و عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبى عمير ، عن سعد بن أبي خلف ، عن أبي عبد الله ( عليه السَّلام ) قال : الرؤيا على ثلاثة وجوه : بشارة من الله للمؤمن و تحذير من الشيطان و أضغاث أحلام .
الرؤيا الصالحة

و هي الرؤيا الصادقة الواضحة التي لا تحتاج إلى تعبير أو تكون قابلة للتعبير ، و هي بشرى من الله سبحانه و تعالى يراها الأنبياء و الصالحون ، و هذه الرؤيا تكون بالنسبة إلى الأنبياء من أقسام الوحي ، فعن ابن عباس : إن أول ما ابتدأ به رسول الله صلى الله عليه و آله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، و كان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح ,
و عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) قال : " قال رجل لرسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) : في قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا ... ﴾ قال : هي الرؤيا الحسنة يرى المؤمن فيبشر بها في دنياه " .
و لا شك أن الرؤيا الصادقة حقيقة ثابتة في القرآن و السنة ، فالقرآن الكريم ذكر العديد من الرؤى التي رآها الأنبياء ( عليهم السَّلام ) ، كما ذكر رؤىً أخرى لغيرهم من الناس ، و إليك بعضاً منها :
1. رؤيا النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) التي ذكرها القرآن الكريم : ﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ .
2. رؤيا النبي يوسف ( عليه السَّلام ) التي ذكرت في القرآن الكريم : ﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ * قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ .
3. رؤيا السجينين اللذين كانا مع يوسف ( عليه السَّلام ) في السجن و التي عبرها لهما ، و التي ذكرها القرآن الكريم كالتالي : ﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ ... ﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ﴾ .
4. رؤيا ملك مصر التي عبرها النبي يوسف ( عليه السَّلام ) و التي ذكرت في القرآن الكريم كالتالي : ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ * وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ .
5. رؤيا النبي إبراهيم ( عليه السَّلام ) و هو يذبح أبنه إسماعيل ( عليه السَّلام ) و التي ذكرت في القرآن الكريم كالتالي : ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ .
إلى غيرها من الرؤى المذكورة في القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة .
كيف نجعل رؤانا صادقة ؟

و قد يسأل البعض عن إمكانية التوفيق لرؤية الرؤى الصالحة و يقول هل هناك آداب أو سنن خاصة يتمكن الإنسان من اتباعها حتى تصبح منامات الإنسان و رؤاه صالحة ، أم أنها خارجة عن إرادته بالمرَّة .
في الجواب لابد أن نقول ، إن قسما من الرؤى تكون خارجة عن إرادة الإنسان و لا يمكن التحكم فيها ، لكن هناك مجموعة من الآداب و السنن تمكِّن الإنسان من توفير الشروط المناسبة لرؤية الرؤى الصادقة القابلة للتعبير ، و اليك بعضاً منها :
1. أن ينام الإنسان و هو على طهارة ، فقد روي عن أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) : " لا ينام المسلم و هو جنب و لا ينام إلا على طهور ,
2. أن يسبِّح الإنسان تسبيح الزهراء ( عليها السَّلام ) قبل النوم ، و كيفية تسبيحها ( عليها السَّلام ) هو التكبي أربعا و ثلاثون مرة ، ثم التحميد ثلاثاً و ثلاثون مرة ، ثم التسبيح ثلاثاً و ثلاثون مرة .
3. أن يستعيذ النائم بالله عَزَّ و جَلَّ من الشيطان الرجيم و يذكر الله جل جلاله قبل النوم : فقد روي عن الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) في علة تخلف بعض الرؤيا مع كونها في السحر : " ... إلا أن يكون جنبا أو يكون على غير طهور و لم يذكر الله عَزَّ و جَلَّ حقيقة ذكره فإنها تختلف و تبطئ على صاحبها ... " .
و هناك بعض العوامل الأخرى المؤثرة التي تساعد على جعل الرؤيا صادقة و قابلة للتعبير كالوقت الذي يشاهد فيه الإنسان الرؤيا .
وقت الرؤيا

قال أرباب التعبير : رؤيا الليل أقوى من رؤيا النهار ، و أصدق ساعات الرؤيا وقت السحر ,
و رُوِيَ عن أبي سعيد قال : أصدق الرؤيا بالأسحار .
و قال ابن حجر في " فتح الباري " : ذكر الدينوري أن رؤيا أول الليل يبطئ تأويلها ، و من النصف الثاني يسرع ، و إن أسرعها تأويلا وقت السحر و لا سيما عند طلوع الفجر .
و عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السَّلام ) : " أسرعها تأويلا رؤيا القيلولة " .
و عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ( عليه السَّلام ) الرؤيا الصادقة و الكاذبة مخرجهما من موضع واحد .
قال : " صدقت أما الكاذبة المختلفة فان الرجل يراها في أول ليله في سلطان المردة و الفسقة و إنما هو شيء يخيل إلى الرجل و هي كاذبة مخالفة لا خير فيها و أما الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة و ذلك قبل السحر فهي صادقة لا تختلف إنشاء الله إلا أن يكون جنبا أو يكون على غير طهور و لم يذكر الله عَزَّ و جَلَّ حقيقة ذكره فإنها تختلف و تبطئ على صاحبها فان كان قد دخل فراشه و شق عليه الخروج للوضوء فليتيمم بغبار ".
تعبير الرؤيا

تعبير الرؤيا أو تفسيره و تأويله هو من الأمور العجيبة ، و هو في الغالب موهبة إلهية و الهام من قبل الله جل جلاله ، و علامة ربَّانية للمعبر .
و تعبير الرؤيا أو تأويله إنما هو فهم الرؤيا و فكِّ رموزها و من ثم تطبيق المشاهدات التي شاهدها النائم في منامه على الواقع الخارجي للشخص الرائي أو الذي ترى الرؤيا له ، و هذا لا يحصل طبعاً إلا لمن و فقهم الله لذلك .
و من الواضح أن تحقق الرؤيا الصادقة إنما تكون بتحقق تفسيرها لا بتحقق نفس المشاهدة حرفياً ، يقول العلامة المجلسي ( قدس الله سره ) : إن تعبير الرؤيا لا يجب أن يكون مطابقا للرؤيا بحسب الصورة و الصفة من كل الوجوه ، فسجود الكواكب و الشمس و القمر تعبيره تعظيم الأنوار من الناس له ، و لاشك أن ذهاب يعقوب مع أولاده من كنعان إلى مصر لأجل نهاية التعظيم له فيكفي هذا القدر في صحة الرؤيا فأما أن يكون التعبير مساويا لأصل الرؤيا في الصفة و الصورة فلم يقل بوجوبه أحد من العقلاء .
المعبر و اهلية التعبير

لاشك و إن تعبير الرؤيا و تأويلها يحتاج إلى أهلية خاصة ، لذا يجب على من أراد أن يعرف تأويل رؤاه و تفسير أحلامه أن يراجع من يمتلك الأهلية و الموهبة الخاصة ، و ليس له أن يراجع كل من يدعي القدرة على تفسير الرؤى و الأحلام .
يقول العلامة الفيض الكاشاني مبدياً رأيه بالنسبة إلى تعبير الرؤيا : هو تطبيق المثال المحفوظ على الممثل و هو من العلوم الحدسية التي يقل الحذق فيها إلا لمن و فقه الله و للخائضين في أسرار الشريعة المقدسة الناظرين في بطون الكتاب المجيد الذي فيه تبيان كل شئ .
و عن أبي جعفر ( عليه السَّلام ) أن رسول الله كان يقول : إن رؤيا المؤمن ترف بين السماء و الأرض على رأس صاحبها حتى يعبرها لنفسه أو يعبرها له مثله فإذا عبرت لزمت الأرض فلا تقصوا رؤياكم إلا على من يعقل
و عن أبي عبد الله ( عليه السَّلام ) قال : قال رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) : الرؤيا لا تقص إلا على مؤمن خلا من الحسد و البغي .
و لعل السر في ذلك أن غير المؤمن و الحاسد إذا عبر الرؤيا ، عبرها بوحي من الحسد و البغض و بتعبير سيئ ، فيوشوش ذهن صاحب الرؤيا ، و يفسد عليه فكره و يُنغِّص عيشه .
تاخر تفسير الرؤيا

و ربما يتأخر تحقق الرؤيا الصادقة التي رآها الإنسان في المنام عن زمن المشاهدة فترة طويلة لربما وصلت إلى عشرات السنين .
فعن ابن عبد البر في كتاب بهجة المجالس و أنس الجالس أنه قيل لجعفر الصادق ( عليه السَّلام ) : و هو أحد الأئمة الاثنا عشر : كم تتأخر الرؤيا ؟
فقال : " خمسين سنة لان النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) رأى كأنَّ كلباً أبقع ولغ في دمه ، فأوَّله بأن رجلا يقتل الحسين ابن بنته ، فكان الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين ( عليه السَّلام ) ، و كان أبرص ، فتأخرت الرؤيا بعد خمسين سنة " .
الاعتماد على الرؤيا

اتضح مما بيَّناه أن مشاهدات الإنسان التي تصلح لأن تكون موضع اهتمام الإنسان إنما هي الرؤيا الصادقة فحسب ، أما غيرها من أقسام المشاهدات فلا اعتبار لها أساساً .
ثم أن الرؤيا الصادقة التي يشاهدها الإنسان العادي رغم كونها من المبشرات السارة الداعية إلى الابتهاج و السرور ، إلا أنها ليست من الناحية الشرعية حجة ، فلا توجب تكليفاً و لا تحلل حراما ، حتى لو شاهد الإنسان أحد الصالحين أو المعصومين ( عليهم السَّلام ) يأمره بذلك .
بل المفروض هو الاقتصار على الإستيناس بالرؤى ، و الاعتبار بها و التأثر بمواعظها ، إذا كان فيها ما يذكرنا بالله و يحذرنا من معصيته ، أما الاعتماد على الرؤى و البناء عليها و الأخذ بأوامرها فمما لا دليل عليه .
فعن المفضل بن عمر عن الصادق ( عليه السَّلام ) قال : " ... فكر يا مفضل في الأحلام كيف دبر الأمر فيها ، فمزج صادقها بكاذبها ، فإنها لو كانت كلها تصدق لكان الناس كلهم أنبياء و لو كانت كلها تكذب ، لم يكن فيها منفعة بل كانت فضلا لا معنى له فصارت تصدق أحيانا فينتفع بها الناس في مصلحة يهتدي بها أو مضرة يحذر منها و تكذب كثيرا لئلا يعتمد عليها كل الاعتماد

شارك المقال:
الكاتب

اسم الكاتب هنا ..

0 التعليقات:

الاقسام

مواقيت الصلاة

التوقيت المحلي لمدينة
مصر -
الفجر
الضحى
الظهر
العصر
المغرب
العشاء
القاهرة
04:15
05:10
12:45
04:35
07:05
08:40
الرجوع للأعلى